بسم الله الرحمن الرحيم
الإنسان الكامل والخلافة.
.لى ابن عربى.
لابد للخليفة أن يظهر بكل صورة يظهر بها من أستخلفه .فلابد من إحاطة الخليفة بجميع الأسماء والصفات الإلهية .التى يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه. فجعل الله الإنسان الكامل فى الدار الدنيا إماما وخليفة .وأعطاه علم الأسماء لما تدل عليه من المعانى .وسخر لهذا الأنسان وبنيه وما تناسل منه جميع ما فى السموات وما فى الأرض .فما حصل الإنسان الكامل الإمامة حتى كان علامة .وأعطى العلامة وكان الحق أمامه ولا يكون مثله حتى يكون وجها كله. فكله أمام .فهو الإمام لا خلف يحده.فقد انعدم ضده .وما أختص آدم بالخلافة إلا بالمشيئة .ولو شاء جعلها فيمن جعلها من خلقه قلنا: لا يصح أن تكون إلا فى مسمى الإنسان الكامل .ولو جمعها فى غير الإنسان من المخلوقات.لكان ذلك الجامع عين الإنسان الكامل .فهو الخليفة بالصورة خلق عليها فإن قلت :فالعالم كله إنسان كبير فكان يكفى قلنا :لا سبيل فإنه لو كان هو عين الخليفة لم يكن ثم على من؟فلابد من واحد جامع صورة العالم وصورة الحق يكون لهذه الجمعية خليفة فى العالم من أجل الاسم الظاهر .يعبر عن ذلك الإمام بالإنسان الكبير القدر الجامع للصورتين.
فالكمال المطلوب الذي خلق له الإنسان إنما هو الخلافة فأخذها آدم عليه السلام بحكم العناية الإلهية .وهو مقام أحص من الرسالة فى الرسل. لأنه ما كل رسول خليفة .فإن درجة الرسالة إنما هى التبليغ خاصة. قال تعالى
ماعلى الرسول إلا البلاغ)وليس له التحكم فى المخالف .إنما له تشريع عن الله أوبما أراه خاصة .فإذا أعطاه الله التحكم فيمن أرسل إليهم فذلك هو الاستخلاف والخلافة والرسول والخليفة ما كل من أرسل حكم .فإذا أعطى السيف وامضى الفعل .حينئذ يكون له الكمال .فيظهر بسلطان الأسماء الإلهية .فيعطى ويمنع.ويعز ويذل .ويحيى ويميت .ويضر وينفع.ويظهر بأسماء التقابل مع النبوة لابد من ذلك .فإن الله أعطى الإنسان الكامل حكم الخلافة واسم الخليفة وهما لفظان مؤنثان لظهور التكويه عنهما.فإن الأنثى محل التكوين.فهو فى الأسم تنبيه .ولم يقل فيه وإن كان المعنى عينه .ولكن قال : (إنى جاعل فى الأرض خليفة)وما قال إنسانا ولا داعيا وإنما ذكره وسماه بما أوجده له.ففائدة خلق الإنسان الكامل على الصورة .ليظهر عنه صدور الافعال .فإن ظهر بالتحكم من غير نبوة فهو ملك وليس بخليفة .فلا يكون خليفة إلا من إستخلفه الحق على عباده .لامن أقامه الناس وبايعوه وقدموه لانفسهم وعلى أنفسهم .فهذه هى درجة الكمال .وللنفوس تعمل مشروع فى تحصيل مقام الكمال.وليس لهم تعمل فى تحصيل النبوة فالخلافة قد تكون مكتسبة والنبوة غير مكتسبة.
البذرة والنواة والحبة خزانة لما يظهر منها إذابذرت فى الارض.
وهذا يدل على علم خروج العالم من الغيب إلى الشهادة لأن البذره لا تعطى ما أختزن الحق فيها إلا بعد دفنها فى الارض .فتنفلق عما أختزنته من ساق واوراق وبذور أمثالها من النواة نوى .ومن الحبة حبوب ومن البذرة بذور فتظهر علينها فى كثير مما خرج عنها .فالكامل من الخلفاءكالحبوب من الحبة والنوى من النواة .والبذور من البذرة .فيعطى كل حبة ماأعطته الحبة الأصلية لإختصاصها بالصورة على الكمال .وماتميزت إلا بالشخص خاصة .وماعدا الخلفاء من العالم .فلهم من الحق ماللأوراق والأغصان والأزهار .والاصول من النواة أو البذرة أو الحبة ومن هنا يعلم فضل الإنسان الخليفة على الإنسان الحيوان .الذي هو أقرب شبها بالإنسان الكامل ثم على سائر المخلوقات .
فاعلم ما الحبة التى خرج العالم منها؟وماأعطت بذاتها فيما ظهر من الحبوب؟ ولماذا يستند ماظهر منها من سوى أعيان الحبوب؟
ولما تعدد الكمل من هذه النشأة .جعلهم الخق .خلائق بعد ماكان خليفة فكل كامل خليفة .ومايخلو زمان عن كامل أصلا. فيما يخلو عن خليفة وإمام فلا تخلو الأرض عن ظهور صورة إلهية .يعرفها جميع خلق الله ماعدا الثقلين الأنس والجن. فإنها معروفة عند بعضها .فيوفون حقها من التعظيم والإجلال لها .
سوف أواصل إشاءالله