الشيخ السماني الشيخ البشير
هو سيدي الأستاذ الجليل والقطب الكبير وارث آبائه وأجداده الكرام، الشيخ السماني بن سيدي الشيخ البشير بن الملاذ الاعظم نور الدائم بن القطب الكبير والغوث الشهير سيدي الشيخ أحمد الطيب بن البشير. ولد بقرية دلوت في حوالى العام(1850). أخذ الطريقةَ السمانيةَ عن أبيِه سيدي الشيخ البشير التي أخذها عن سيدي مربى الأرواح الوارث القرشي ود الزين والتي أخذها عن المجدد سيدي الشيخ أحمد الطيب بن البشير. بحياة والده قام رضي الله عنه بتأسيس قريته التي أسماها طابت ليكون إمتداداً للجهد الكبير الذي بدأه جده سيدي الشيخ أحمد الطيب بن البشير ومن ثم ليكون علماً من أعلام الطريق. شمر سيدي الشيخ السماني رضي الله عنه عن ساعدِ الجدِ، وأخذ يبايع الراغبين مبادئ وأُسس الطريق السماني القادرى، واستمر هادياً في طريق العودة إلى الله وإرشاد الطالبين بنشاطٍ لا يفتر فقصده جمعٌ غفيرٌ من الناس، بعد أن ذاعَ صيتُه وملأت شُهرته الآفاق وذلك بما عُرف به من مكارمِ الأخلاق والاجتهاد في طريقِ القوم خالعاً عن نفسه ثوب العجب والافتخار والرياسة والاشتهار والتباهي بالآباء والجدود والأخذ السابق للعهود وقد قال فيه شاعر السمانية المكاوى:
أبواتو الفحول ما اتاكا فوق جاها
شمًر وانكرب والعين خبر ماها
كان رضي الله عنه على قدم صدقٍ في الولاية، وبات مثالاً للصوفي الذي لازلنا نطلعُ على أوصافهِ في كتبِ التصوف قديماً وحديثاً. وقد كان سيدي الشيخ سمحاً ومتسامحاً جواداً كريماً تواردت الأخبار عن كرمهِ وجودهِ فبات كرمُه حديث الركبان فلا ُيذكر الكرمُ إلا وخطر على البالِ سيدي الشيخ السماني. فسيدي الشيخ من القلائل الذين تخلقوا بهذه الصفةِ الربانية. والشواهدُ الدالةُ على كرمهِ كثيرةً منها ما حكاها الناس وصار من حديثِ المتواتر أن الشيخ في عام ٍ ضاق العيش بالناس واهتم التجار بالربح استغلالا لهذا الظرف العصيب قام سيدي الشيخ بفتح مطاميره لكل الناس منفقاً إنفاق من لا يخشى الفقر .
وورد في سيرته العطرة رضي الله عنه أنه كان لا يجعل فِلساً يبيت في بيته إلى الصباح إقتداءا بسلف الأمة الصالح، ما رآه أحدٌ إلا ذكرَ الله لأنه من عبادِ اللهِ المقربينَ الذين قال فيهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (أولياء الله الذين إذا رؤوا ذُكر الله).
كان منهج الشيخ السماني الذي اتبعه في نشر المنهج الصوفي السماني القادري مبسطاً ومتسقاً مع طبيعة السكان البدوية والرعوية، متخذاً من التراثِ القادري المبسط وسيلةً للتذكيرِ باللهِ والرجعى إليه. سعى سيدي الشيخ إلى نشرِ وتعميقِ مبادئَ العقيدةِ الإسلامية بطريقةٍ مبسطة أساسُها إلزامِ المريدينَ إتباعِ منهج ٍخلقىٍ وتعبديٍ خاص مع المدوامةِ على قراءةِ أذكار وأورادِ الطريقةِ، وكانت درجة نجاحهِ في هذا المسعى إعتمدت إعتماداً كبيراً على ما يتمتع به رضي الله عنه وعني به من معرفةِ باللهِ، وخلٍق دينىٍ، وورعٍ، وزهدٍ، وسلطانٍ روحىٍ، وكراماتٍ واستقامةٍ على الدينِ.
لإيمانه الكبير بعظم دور التعليم في حياة الناس فقد قام رضي الله عنه بانشاء معهداً للعلوم الدينية كان منارة إشعاعٍ نهِلَ منه الكثير، كانت تُدرس فيه إلى جانب مواد اللغة العربية والإسلامية اللغة الانجليزية، الرياضيات والجغرافيا. كان اهتمام الشيخ بالمعهد كبيراً، فكان رضي الله عنه يقوم بدفعِ مرتبات أساتذته وتوفير الإعاشة لهم ولطلابه.
ورد عن الشيخ أنه كان يُكثر من قراءةِ القرآن ليل نهار، كما كان محباً لأهله ومُكرماً لهم. وورد عنه أن أكثر قوله: قال الله: قال رسول الله: قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني قال سيدي الشيخ السمان، قال سيدي الشيخ أحمد الطيب مردداً من قول " يا بركة كوني معي في كلِ حركةٍ واخلفيني في ذريتي تركة".
لم يغفل سيدي الشيخ السمان عظم الدور الاجتماعي، فقد كان رضي الله عنه كثير التواصل مع الناس تراه في المناسبات الاجتماعية العامة. كان رضي الله عنه يُنزل الناس منازلهم، ويُعطي كلِ ذى حقٍ حقه، ويَعرف الفضل لأهل الفضل، مما جعله محبوباً عند الناس بمختلف مشاربهم وألوانهم.
انتقل سيدي الشيخ السماني في يوم الاربعاء الموافق 30-8 -1967 مودعاً دار الفناء إلى دار البقاء، مخلفاً وراءه أطيب ذكرى، وأشرف المآثر الروحية، وقد ورىَ جثمانهُ الطاهر الثرى في فناء مسيده العامر، حيث شيدت له قبة أضحت معلما ومزاراً بارزاً. وعند وفاته ترك عدد من البنات وخمس من الابناء كلهم مباركون صالحون: وهم الشيخ الجيلى، الشيخ الصديق، الشيخ البدوى، الشيخ إبراهيم والشيخ البكري رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بهم.